تصميم ملاعب حضرية للأطفال

تصميم ملاعب حضرية للأطفال

تزيد الملاعب من رغبة الأطفال في الركض واللعب. فهي تدعم النشاط البدني وتساهم في حياة أكثر صحيّة وقوية، إذ إنها تساعد على تنمية مهارات الأطفال التنموية والاجتماعية والشخصية. فيسمح اللعب للأطفال بالتفاعل مع البيئة ومع الأطفال الآخرين في المجتمع. كما أنّ اللعب يمكّن الأطفال من استكشاف أفكار جديدة وطرق مختلفة للتصرف، الأمر الذي يختبر حدود قدراتهم ويخلق عادات صحية لديهم في الوقت نفسه، وهي عادات سيحملونها معهم إلى مرحلة البلوغ. وعند تصميم ملعب حضري للأطفال، يتمثّل هدف منسقي المواقع والمهندسين المعماريين الأساسي في خلق تصميم يربط المجتمعات ويعرض ميزات ومناطق الجذب في المنطقة المحلية. وسيؤدي إنشاء مواضيع ومفاهيم مبتكرة، في المقابل، إلى خلق تجربة مثيرة للأطفال، مما يساعد الملعب على أن يصبح مكانًا يزوره الأطفال للعب فيه مرارًا وتكرارًا.

إليك بعض العناصر الرئيسة التي تجعل الملعب الحضري ملعبًا رائعًا وناجحًا:

1- القدرة على الوصول: تعدّ القدرة على الوصول أحد أهمّ العناصر التي تساهم في نجاح الملعب. فيجب أن يكون الملعب قادرًا على منح الأطفال من جميع الأعمار والقدرات الفرصة للّعب معًا في الملعب نفسه. وتتمثل إحدى الطرق لتحقيق القدرة على الوصول للجميع في توفير ممرات ومنصات ومساحات ومعدات آمنة يمكن الوصول إليها ويمكن للأطفال من جميع القدرات استخدامها، مثل الممرات المائلة والمزالق والأراجيح الشاملة.

2- القدرة على الرّؤية: تشكّل القدرة على الرؤية عاملًا مهمًّا في تعزيز مشاعر الوالدين بالراحة والأمان في الملعب. فمن المهمّ بالنسبة إلى البالغين أن يتمتّعوا بالقدرة على الإشراف على أطفالهم في الملعب للمساعدة في الحدّ من الإصابات. ولزيادة القدرة على الرّؤية، يحاول المصمّمون التّأكد من أنّ البالغين يستطيعون الرؤية أمامهم ومن حولهم عبر وضع أماكن جلوس للمراقبة المناسبة. ويسمح محيط الرؤية الواضح للبالغين بالبحث عن الأشخاص الذين قد يكونوا عامل تهديد لأطفالهم. ويمكن أن يؤدّي تقليل الشجيرات والحد من الجدران العالية والزوايا الحادة أو المباني إلى زيادة القدرة على الرؤية وبالتالي زيادة الشعور بالراحة والأمان في الملعب.

3- السلامة: عند تصميم ملاعب حضرية للأطفال، يتمثّل العنصر الأساسي الذي يجب على المصمّمين مراعاته في تحقيق السلامة. فيختار المصممون أولاً تأمين الملعب بسياج جيد أو حدود واقية إذا كان الملعب يقع بالقرب من حركة مرور عالية. من ناحية أخرى، يُطلب من المصممين أيضًا توفير سهولة الوصول إلى مخارج الطوارئ في حالات الحرائق والحوادث. ولزيادة السلامة، من الضروري فصل مناطق مختلفة في الملعب وفقًا للعمر لتقليل مخاطر الحوادث. ومن المهمّ أيضًا منع خطر الفيضانات والجرائم والكوارث الطبيعية من خلال تركيب البنية التحتية اللازمة، الأمر الذي سيؤدّي إلى زيادة عدد زوار الملعب.

4- اللعب النّشط والذي يطرح تحديات: اللعب هو حاجة للأطفال. فعادة، يبحث الأطفال عن ملاعب توفّر مجموعة متنوعة من النشاط البدني. وتشجع الملاعب الناجحة على اللعب النشط من خلال توفير أنشطة مختلفة تشمل القدرة على الجري والقفز والرمي والانزلاق والتأرجح والتسلق والتحرك وغيرها. ويساعد نمط الحياة النشط الأطفال على العيش حياة صحية، ما يُعتبر أمرًا مهمًا لتحقيق الرفاهية البدنية والعاطفية. ومن ناحية أخرى، يعدّ اللعب الذي يطرح تحدّيات مهمًا جدًا للإبداع. وغالبًا ما ينجذب الأطفال إلى التجارب الصعبة عند السعي للّعب لأنها تساعدهم على زيادة تقديرهم لذاتهم وتحسين مهاراتهم البدنية والحركية. ويرتبط اللعب الذي يُطلب من الأطفال فيه أيضًا الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم بصحة اجتماعية أكبر وإصابات أقل، مع القدرة على السيطرة على الخوف والحكم على المخاطر شخصيًا. ويتمثّل أحد الأمثلة على اللعب الذي يطرح التحديات في توفير المواد التي تسمح للأطفال ببناء أو تدمير الأعمال المبنية. ويشمل ذلك جذوع الأشجار ودُور اللعب والحبال والخشب وأجهزة التسلق.

5- الطبيعة: يحتضن الملعب الناجح العالم الطبيعي من حوله. وتعتبر المساحات الخضراء في الملاعب أساسيّة للنّشاطات، حيث توفّر بعض العناصر، مثل الرمال والمياه والحجارة والعناصر الخضراء بيئة ديناميكية للأطفال، مما يسمح لهم باستخدام مهاراتهم اليدوية. وفي الواقع، تعتبر الطبيعة البيئة التعليمية المثالية التي يمكن للأطفال اللعب بها. وتشجّع المكوّنات الطبيعية اللعب البدني والخيالي. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد صناديق الرمل حول أحواض المياه الصغيرة الأطفال في إنشاء أشكال ونماذج مثيرة للاهتمام، مثل القلاع الرملية. ويمكن للتلال أن تخلق تجربة ممتعة للأطفال، من التدحرج إلى أسفل التل إلى الانزلاق في المزالق، في حين يمكن أن تعمل الصخور أيضًا كأدوات للتسلق.

6- الموضوعات: يمكن أن تشكّل الملاعب المجهّزة بالموضوعات بوابة للخيال. فبشكل عام، يحبّ الأطفال الإبداع والخيال أثناء وقت اللعب. ولذلك، غالبًا ما تكون الملاعب المجهّزة بالموضوعات أكثر نجاحًا، لأنها تتميز بمكونات وعناصر توفر تجربة جديدة وخارجية للأطفال. فعلى سبيل المثال، تساعد الهياكل ذات الموضوع الخاص، مثل المزالق التي تأتي على شكل سفن قرصنة أو مركبات فضائية أو قطارات أو غابات أو قلاع، في تعزيز الخيال، مما يمنح الأطفال سهولة في التظاهر بالإبحار في البحار بحثًا عن الكنوز أو السفر عبر الفضاء أو الجري في الغابات بحثًا عن الحيوانات. ويمكن أن تشكّل هياكل الألعاب التي تتمتّع بموضوع رياضي أيضًا مصدر إلهام للأطفال الذين ينجذبون أكثر نحو الرياضة بدلاً من الخيال. كما ويجب أن يحتوي الملعب المجهّز بحسب موضوع ما أيضًا على عناصر تصميم مناسبة، مع ألوان وشعارات ورسومات تتطابق مع الملعب ذي الموضوع الخاصّ.

7- طرقات المغامرات والمتاهات: لدى الأطفال رغبة فطرية في الاستكشاف والذهاب في مغامرات. ولذلك، يُطلب من المصممين والمهندسين المعماريين اليوم خلق ألغاز مثيرة وغامضة يمكنها أن تلبي حاجة الأطفال إلى البحث عن أماكن جديدة، والعثور على طرقات للوصول إلى تلك الأماكن، والبحث عن الكنوز. ومن أجل تلبية هذا الاهتمام وهذه الحاجة، غالبًا ما يختار منسّقو المواقع والمهندسون المعماريون دمج المواد الطبيعية في الملعب، واختيار الأسطح والقوام المختلفة من أجل خلق بيئة للأطفال تسمح لهم بجمع أوراق الشجر والحجارة والعصي وحل الألغاز من تلقاء نفسهم.

8- المعدات: تشمل الملاعب الناجحة والشاملة معدات مناسبة لجميع الأطفال وجميع أنواع اللعب. وتؤدّي المعدات في الملعب دورًا رئيسًا في نمو الطفل وتنميته. ففي اللعب المجازف، على سبيل المثال، يحتاج الطفل إلى التسلق والزحف. وتشكّل قضبان التسلق والصخور وجدران التسلق والمزالق بعض العناصر التي يمكن أن تساعد في تلبية هذه الحاجة. ومن ناحية أخرى، يتضمن اللعب الحسي الرمال والموسيقى والمياه والعديد من العناصر الأخرى المتعلقة بالحواس. فيمكن لصندوق الرمل وبعض البرك الصغيرة والآلات الموسيقية المساعدة في تلبية هذه الحاجة والمساهمة في تطوير مهارات الأطفال المعرفية. ويتضمن اللعب البنّاء بناء الأشياء باستخدام المواد والأدوات، ما يعني القدرة على تكديس أو تجميع أو تفكيك أو ترتيب أو تشكيل المواد في أشكال إبداعية. ويمكن أن يساهم صندوق الرمل أيضًا في اللعب البنّاء. كما تشكّل الحجارة والحصى الأدوات الرئيسة في هذا النوع من اللعب في الملاعب الخارجية. ويمكن أن تشمل معدات الملعب الأخرى أيضًا أرجوحة التوازن، ودوامات الخيل، والأراجيح، والمزالق، ودُور اللعب، والمتاهات.

وتعتبر زيارة الملعب أكثر من مجرّد تجربة ممتعة بالنسبة إلى الأطفال، لأنها تتيح لهم فرصة تدريب أجسادهم وأدمغتهم ومهاراتهم الاجتماعية في حين تمنحهم الفرصة للعب من أجل تنميتهم الصحية. ويعد التطور المستمر للملاعب دليلاً على أنّها تؤدي دورًا لا غنى عنه في مرحلة الطفولة، بينما تعمل كأماكن تجمّع للعامّة في الوقت نفسه. وقد تمّ خلق الملاعب في البداية لتوفير أماكن آمنة واجتماعية للأطفال. ويوفّر التفاعل تنوّعًا في سيناريوهات الألعاب، ممّا يمنح الأطفال فرصًا للبحث والاختبار والتعلّم، ويمكّنهم من تطوير مهاراتهم واتخاذ قراراتهم الخاصة وتقييم المواقف المختلفة.

Share post:

Leave A Comment

Your email is safe with us.