عمارة المباني الخضراء والمستدامة
- نوفمبر 25, 2020
- بيئة, تصميم مدن, تنمية مستدامة, عقارات, هندسة المناظر الطبيعية, هندسة معمارية
- 0 تعليق
تعتبر العمارة الخضراء، أو التصميم الأخضر، نهجًا يتمّ اتّباعه في البناء. وقد بدأ هذا النهج يتزايد شعبية خلال السنوات القليلة الماضية. ويتمثّل هدف هذا النهج في تقليل آثار الهندسة المعمارية والبناء المضرّة بالبيئة من خلال توفير المياه وحماية الهواء واستخدام مواد البناء الصديقة للبيئة. ويجب أن تشكّل الاستدامة في المباني الخضراء جزءًا من عملية التصميم بأكملها، التي قد تشمل الإضاءة الطبيعية والكفؤة من حيث استخدام الطاقة، والطاقة المتجددة، وأنظمة التهوية الكفؤة من حيث استخدام الطاقة، والواجهات. ويأخذ التّصميم المستدام أيضًا في الاعتبار عوامل أخرى مثل اتجاه المبنى الّذي يمكن أن يساعد في التقاط ضوء الشمس والرياح عند تنفيذه بالشكل الصحيح. ويُشكّل تحديد موقع الغرف وموقع النوافذ لتحسين التهوية والمناظر الطبيعية جزءًا من أيّ تصميم للمباني الخضراء.
إليك بعض عناصر التّصميم في المباني الخضراء والمستدامة الّتي تساعد على مكافحة تغير المناخ وبناء مجتمع صحيّ أكثر للسّكان:
1- الأنظمة ذات الكفاءة من حيث استخدام المياه: تعتبر الكفاءة من حيث استخدام المياه جانبًا مهمًا للغاية في المباني الخضراء والمستدامة. ويمكن تحقيق الكفاءة من حيث استخدام المياه من خلال مراقبة كمية المياه المستخدمة، وإصلاح أيّ تسرّبات في المبنى، وذلك لمساعدتنا في استخدام مواردنا المائية بطريقة ذكيّة. وتتضمّن إحدى الاستراتيجيات الأكثر فعاليّة في مسألة تحقيق الكفاءة من حيث استخدام المياه تركيب أدوات صحّيّة كفؤة، الأمر الّذي يمكن أن يساعد في الحدّ من هدر المياه. وتشمل هذه الأدوات الصّحيّة المراحيض العالية الكفاءة ودشّ الاستحمام المنخفض التّدفّق وغسّالات وأحواض غسيل أفضل جودة. ومن ناحية أخرى، تعتبر أنابيب البولي فينيل كلوريد بديلاً جيدًا عن الأنابيب القديمة لأنّها لا تصدأ أو تتآكل ويمكن أن تساعد في توفير الكثير من الماء في المستقبل.
2- مواد البناء الصّديقة للبيئة: تعتبر مواد البناء مكونًا رئيسًا آخر في المباني المستدامة. وتتمثّل الخطوات الأولى في تصميم المباني الخضراء في تقليل كمية المواد المستخدمة أو إعادة استخدام المباني القائمة أو المخلّفات من عمليّات تفكيك المباني. وتشمل بعض مواد البناء التي تعتبر خضراء البوليستر الّذي يساعد على حبس الحرارة الزائدة في الشّتاء وإبعادها في الصّيف. ومن ناحية أخرى، فإن المعادن المعاد تدويرها مثل الألمنيوم والفولاذ متينة وطويلة الأمد، بالإضافة إلى أنها مقاومة للماء، مما يعني أنّه يمكن استخدامها للأسطح وواجهات المباني، ويمكن أن تساعد في تقليل استخدام الطاقة في الوقت نفسه. ويُعتبر الأسمنت مثالًا آخر عن المواد الصّديقة للبيئة. واليوم، يتمّ استخدام البلاستيك المعاد تدويره بشكل أكبر في إنتاج الأسمنت. ففي الواقع، يتمّ استخدام النفايات البلاستيكية كعنصر رئيسي في صناعة الأسمنت البلاستيكي، ممّا يساعد على الحدّ من البصمة الكربونية على البيئة ويمنع تسرب الطاقة.
3- جودة الهواء الداخلي: تعزّز جودة الهواء الداخلي صحّة السكان وتزيد من راحتهم. وتُعتبر هذه الجودة إذًا عنصرًا أساسيًّا آخر يجب مراعاته عند تبني نهج العمارة الخضراء. وغالبًا ما تتطلب البيئة الداخلية العالية الجودة تصميمًا دقيقًا واختيارًا جيدًا للمواد، مثل استخدام تهوية جيّدة التصميم واستخدام المواد التي تساعد في الحدّ من الرّطوبة والعفن. ويساعد اختيار مواد البناء المنخفضة الانبعاثات وغير السّامة في تخفيض نسبة التّلوّث، مما يعزز جودة الهواء ويحمي البيئة في الوقت نفسه. وتشمل هذه المواد استخدام الدهانات الداخلية ومانعات التسرب ومواد العزل غير السامة للجدران، فضلاً عن الأثاث المعاد استخدامه.
4- الأنظمة الكفؤة من حيث استخدام الطّاقة: تُعتبر الكفاءة من حيث استخدام الطّاقة العامل الأساسي الذي يساعد على تحقيق الاستدامة في المباني الخضراء. وقد بدأ تخفيض استهلاك الطاقة في مجالات التصميم والعمارة في أن يصبح ميزة تحسين مهمّة في جميع المباني. وتستخدم المباني الخضراء بشكل طبيعي كمية أقل من الطاقة مقارنة بأنواع المباني الأخرى. غير أنّه هناك العديد من الأنظمة والعناصر الأخرى التي تساعد في تقليل استهلاك الطاقة بشكل أكبر، مثل الإضاءة والأجهزة الكفؤة من حيث استخدام الطّاقة وأنظمة التدفئة والتبريد العالية الكفاءة. وتستخدم الطاقة السلبية، على سبيل المثال، طاقة الشمس لتدفئة أو تبريد المباني. وفي الواقع، تستخدم المجمّعات السّلبية، مثل النوافذ والأرضيات، لتجميع وتوزيع طاقة الشمس في المبنى لأغراض التدفئة في الشتاء ورفض الحرارة في الصّيف. ويساعد هذا النظام في تخفيض استهلاك الطاقة وكذلك في تخفيض فاتورة الطّاقة لدى السّكان. وبالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام الأجهزة وإضاءة الثنائي الباعث للضوء وأجهزة استشعار الحركة لتشغيل وإطفاء الأضواء تلقائيًا يمكن أن يساعد أيضًا في تقليل استخدام الطاقة.
5- اتّجاه المبنى: الاتجاه هو تحديد موقع المبنى بناءً على اتّجاه الشمس والرياح في جميع الفصول. ويمكن أن يؤثر اتجاه المبنى بشكل كبير على استدامته وكفاءته من حيث استخدام الطاقة. ويمكن أن يختلف اتجاه المبنى وفقًا للمناخ والطقس من حوله. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يساعد استخدام طاقة الشمس بقدر الإمكان في المناخات الباردة في تدفئة المباني. وبهذه الطّريقة، لن يضطر سكّان المبنى إلى استخدام الكثير من الكهرباء والطاقة للتدفئة في الشتاء. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يساعد تقليل التّعرض لأشعة الشمس من خلال توجيه أكبر سطح في المبنى بعيدًا عن الشمس على تخفيض الحرارة في المناخات الدافئة والحفاظ على برودة المبنى من الداخل. وتؤدّي النوافذ دورًا رئيسًا هنا أيضًا، إذ تسمح لأشعة الشمس بالدخول إلى الغرف في المبنى، مما يساعد على توفير الإضاءة الطّبيعيّة مع تنظيم درجة الحرارة الداخلية في الطقس الحار.
وتُثبت المباني الصديقة للبيئة والمستدامة أكثر فأكثر أنّها مفيدة بالنّسبة إلى مالكي المباني، والأهم من ذلك، إلى البيئة. ففي الواقع، تساعد المباني الخضراء في تقليل بصمتنا الكربونية من خلال تخفيض التّأثير السّلبي لعمليّات وأنشطة البناء والتصميم على البيئة. واليوم، أصبح الناس يهتمّون بشكل أكبر بعمارة المباني الخضراء، ولا سيّما لأنّها يمكن أن تحسّن الطريقة التي تستخدم بها منازلهم وشركاتهم الطّاقة والمياه. ولكنّ الجدير بالذّكر هنا أنّ عمارة المباني الخضراء تبدأ باستخدام الأراضي الحسّاسة بيئيًا، ممّا يعني أنّ موقع المبنى مهمّ، ولا سيّما عندما يتعلّق الأمر بمدى بُعده عن مراكز التّسوق ووسائل النقل العام.