تنمية أحياء ناجحة ومستدامة

تنمية أحياء ناجحة ومستدامة

لا تخلق الأحياء المستدامة بالصدفة، لا بل يتم إنشاؤها من خلال التخطيط والتنمية الدقيقين اللذين يخلقان مساحات مناسبة للعيش وحيوية مع جودة حياة عالية لجميع السكان. ولا تساهم الأحياء الناجحة والمستدامة في الحفاظ على البيئة في المنطقة فحسب، بل تساهم أيضًا في الازدهار وسعادة السكان، نظرًا إلى أنّها أساس المدن. ولتصميم حي مستدام وناجح، يبحث المخططون والمصممون الحضريون عن التنمية الاقتصادية والتنوع، بهدف توفير أنواع مختلفة من التصاميم للبيوت وخلق بيئة جذابة للناس من جميع الأعمار.

إليك بعض العناصر التي يمكن أن تساعد المخططين الحضريين في إنشاء أحياء أفضل ومستدامة وشاملة: للجميع:

1- إنشاء حدائق ومساحات مجتمعية يسهل الوصول إليها وشاملة للجميع

تُعتبر المتنزهات والمساحات المجتمعية العنصر المشترك الرئيسي الذي يجب أن يكون موجودًا في كل حي. ولكي يتم اعتباره مستدامًا، يجب أن يقدم كل حي حديقة عامة عالية الجودة حيث يمكن للناس أن يقابلوا أعضاء آخرين في المجتمع ويبنون علاقة صحية مع السكان الآخرين. ويمكن أن تحتوي هذه الحدائق على مجموعة متنوعة ومزيج من الفرص الترفيهية لمختلف الأعمار، وذلك لجذب الناس من جميع الأعمار وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة التي تجري داخل المجتمع، مثل المعارض والحفلات وما إلى ذلك. ويوفر الحي الناجح أيضًا مساحات مجتمعية أخرى تشجع السكان على التنقل والعيش بشكل صحي أكثر، مثل الملاعب الرياضية.

2- الحفاظ على المعالم الطبيعية في الحي

أينما ذهبنا حول العالم، يمكننا العثور على ميزات طبيعية فريدة بمناطق معينة. ويمكن لهذه الميزات الطبيعية الموجودة أن تضيف قيمة وأن تعزز مظهر وتصميم المنطقة. ولذلك، من المهم عند تخطيط وتصميم حي ما مراعاة هذه الميزات والحفاظ عليها، لأنها ستساهم أيضًا في إنشاء أحياء مستدامة. ويمكن أن تشمل الميزات الطبيعية هنا أي مجاري مائية أو ممرات خضراء أو نباتات أو غيرها من الميزات التي يمكن العثور عليها في جميع أنحاء المنطقة.

3- ضمان الاستخدامات المختلطة للأراضي

تعد الاستخدامات المختلطة للأراضي في الأحياء مهمة للغاية، لأنها تتيح للمخططين الحضريين إنشاء مساحات مستدامة وصديقة للبيئة. في الواقع، يمكن أن يساعد وجود مزيج من استخدامات الأراضي في الحي، مثل الاستخدامات التجارية والسكنية والمؤسسية والتوظيفية، بالإضافة إلى الحدائق والشوارع والمرافق، في تقليل أثر الحي على البيئة، إذ تنخفض الحاجة إلى التنقل والسفر إلى مناطق أخرى للوصول إلى خدمات مختلفة. ويمكن أن يساعد ذلك أيضًا في تحقيق الازدهار الاقتصادي وبالتالي جودة حياة أفضل للسكان. ويجب هنا مراعاة المسافات بين المناطق السكنية والمناطق الأخرى في الحي، حيث أن التقسيم الجيد للمناطق من شأنه أن يرفع مستوى الراحة في الحي، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاع سعادة السكان أكثر.

4- توفير خيارات نقل عام مختلفة للسكان

تعتبر وسائل النقل العام وسهولة الوصول إليها عنصرين أساسيين في التنمية المستدامة للأحياء. في الواقع، تساعد شبكات النقل الفعالة التي تشمل وسائل النقل العام، مثل الحافلات، على تقليل أثر الحي على البيئة، حيث يتم تقليل حركة المرور واستخدام السيارات، مما يجعل الحي أكثر أمانًا وصالحًا للعيش. ويعتبر إنشاء ممرات لراكبي الدراجات والمشاة أيضًا أمرًا مهمًا للغاية، لأنه سيجعلهم ذلك يشعرون بالأمان ويشجعهم على عيش حياة أكثر صحية من خلال ركوب الدراجات والجري والمشي. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الاتصال مهمّ للغاية، حيث يجب ربط الشوارع في الحي ببعضها البعض لتسهيل التنقل.

5- تنسيق المواقع والشوارع

بالإضافة إلى كونه ممتعًا من الناحية الجمالية، يمكن أن يضيف تنسيق المواقع والشوارع الكثير من المتعة والقيمة للحي. ففي تنسيق الشوارع، ليس من الضروري اختيار أثاث للشوارع يتناسب بالأسلوب أو اللون، ولكن يجب أن يكون متوافقًا مع بعضه البعض لخلق التناغم والأناقة. ومن ناحية أخرى، من الضروري جدًا إضافة الأشجار والمساحات الخضراء في جميع أنحاء الحي لتجميله وجعله يبدو أكثر حيوية وصحة. وفي الواقع، كلما زادت المساحات الخضراء في الحي، كلما قلّ التلوث، مما يؤدي إلى انخفاض بصمة الحي الكربونية على البيئة. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن إضافة ميزات أخرى حول الحي أيضًا، مثل الميزات المائية، والمقاعد في محطات الحافلات، ورفوف للدراجات، ومقاعد، وشجيرات، وأشجار، وحدائق عمودية، والأهم من ذلك الزهور التي ستساعد أيضًا في إضافة اللون حول الحي.

6- اختيار وتنفيذ البنية التحتية الخضراء:

على مستوى الحي، تشمل البنية التحتية الخضراء مجموعة من التدابير التي تستخدم أنظمة مستدامة وقادرة على الصمود، بالإضافة إلى أنظمة التربة والنباتات، التي تدير تدفق مياه الأمطار وتحد من الفيضانات والجريان السطحي. ويمكن أن تشمل البنية التحتية الخضراء هنا أسطحًا خضراء يمكنها امتصاص المياه وتقليل مخاطر الجريان السطحي. وتشكّل الأرصفة القابلة للنفاذ مثالًا آخر على البنية التحتية الخضراء. فغالبا ما تكون هذه الأنواع من الأرصفة المصنوعة من الخرسانة المُنفذة أو الأسفلت المسامي قادرة على تخزين مياه الأمطار ومعالجتها. وتعتبر الأرصفة القابلة للنفاذ مستدامة وفعالة من حيث التكلفة، وهي تلغي الحاجة إلى أنظمة صرف باهظة الثمن وغير مستدامة. وتشمل أمثلة البنية التحتية الخضراء الأخرى أيضًا الغابات الحضرية والأراضي الرطبة وحدائق الأمطار. والجدير بالذكر هنا أن إنشاء ممرات كافية لتسهيل الوصول إلى سيارات الطوارئ ومركبات الشرطة وشاحنات جمع القمامة أمر مهمّ للغاية لضمان حياة أكثر أمانًا وأفضل جودة للسكان.

في السنوات القليلة الماضية، حصل تحول كبير في طريقة تصميم الأحياء في جميع أنحاء العالم. ويعمل المخططون والمصممون الحضريون معًا اليوم لتحديد طرق أفضل لتصميم أحياء جديدة صالحة للمشي وصالحة للعيش وصحية. ويُقاس نجاح الحي الآن بمدى شعور جميع السكان بالراحة والأمان. وتُعدّ الاستدامة مقياسًا جديدًا آخر للنجاح عندما يتعلق الأمر بتخطيط الأحياء، لأنه بالإضافة إلى جعل المنطقة قادرة على الصمود وصديقة للبيئة أكثر، توفر الاستدامة حياة أكثر صحية و جودة حياة أفضل مع تلوث أقل ومخاطر صحية أقل. ولذلك، أصبحت الاستدامة الهدف الأول الذي يسعى المخططون الحضريون لتحقيقه في أي نوع من أنواع التنمية الحضرية.

Follow Noëlla Aoun Design Studio for more Urban Design, Architecture, Interior Design, Landscape Design, Environment, Real Estate and Sustainable Development articles.

Share post:

Leave A Comment

Your email is safe with us.