5 أفكار مبتكرة للمساهمة في بناء مدن مستدامة
تجتذب المخاوف بشأن تغير المناخ وتلوث الهواء والمياه والطاقة المتجددة قدراً كبيراً من الاهتمام في الأعوام الأخيرة. وقد جذبت هذه المخاوف الانتباه إلى التخطيط المستدام. غير أنّ إنشاء مدن مستدامة يتضمّن العديد من التحديات، إذ يجب تحقيق العديد من الأهداف، بما في ذلك حماية البيئة والحفاظ على مواردنا الطبيعية للأجيال المقبلة. ويشكّل عدد السكان الكبير والاستهلاك المفرط والتلوث والموارد الشحيحة جزءًا من التحديات الرئيسة التي تحتاج إلى حلول مستدامة. وفي الواقع، يتوفّر لدى المهندسين المعماريين والمخططين والمصممين بالفعل العديد من الأفكار والاختراعات التي تم وضعها لجعل المدن مستدامة حقًا، بما في ذلك تشجيع ركوب الدراجات والمشي وإنشاء مراكز محلية وتوفير وسائل النقل المستدامة وتحقيق القدرة على الصمود.
إليك بعض الأفكار المبتكرة التي تساهم في جعل مدننا أكثر استدامة:
1. استخدام الخرسانة المسامية لالتقاط مياه الأمطار: إنّ الخرسانة المسامية هي نوع من الخرسانة التي تتمتع بمستوى عالٍ من المسامية. وتحظى الخرسانة المسامية بالكثير من الاهتمام بسبب هذه النوعية التي تتمتع بها، إذ إنّها توفر العديد من المزايا، وخاصة في المناطق الحضرية. وتتمثل إحدى المزايا الرئيسة للخرسانة المسامية في امتصاصها لمياه الأمطار والسماح للماء بالدخول إلى نظام المياه الجوفية المتوفر في المدينة. ويمكن للخرسانة المسامية امتصاص بين 80% و100% من الأمطار وتوزيعها بشكل متساوٍ، مما يوفر الاستقرار البيئي ويمنع الفيضانات في المناطق الحضرية. ومن ناحية أخرى، وبما أنّ الخرسانة المسامية تمتص المياه، فإنها قادرة على خفض تكاليف التنمية السكنية والتجارية لأنها تقلل من الحاجة إلى معدات أخرى لتصريف المياه. وفضلاً عن ذلك، فإنّ هذا النوع من الخرسانة هو صديق للبيئة، إذ قد يؤدي إلى الحد بشكل كبير من الملوثات في المجاري المائية وخزانات التجميع، من خلال منع الأسمدة ومبيدات الحشرات والزيوت وغيرها من التسرب إلى المياه الجوفية.
2. تركيب بلاط ذكي لتوليد الطاقة عبر خطوات المشاة: بدلاً من استخدام الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح لإضاءة مدينة ما، نشأت تكنولوجيا جديدة اكتسبت قدراً كبيراً من الشعبية في الأعوام القليلة الماضية. وتعتبر هذه التكنولوجيا صديقة للبيئة لأنها تعتمد على خطوات المشاة لتحويل الطاقة إلى كميات صغيرة من الطاقة الكهربائية التي يمكن استخدامها لتشغيل الإضاءة، والإشارات، ولوحات الإعلانات، والإعلانات الرقمية، وإلخ. وفي الواقع، يمكن لخطوة واحدة على هذا النوع من الأرضيات إضاءة مصباح ثنائي باعث للضوء لمدّة 15 إلى 20 ثانية. وبالإضافة إلى ذلك، سيساعد نظام الأرضية هذا المدينة على جمع البيانات حول حركة المشاة وإنشاء خرائط حرارية لتحديد المساحات الحضرية الشهيرة. ومن ناحية أخرى، ستساعد هذه التكنولوجيا المدن أيضًا على فهم ومعالجة القضايا المتعلقة بتغير المناخ والاستدامة.
3. إعادة التدوير لإنشاء مواد جديدة: على الرغم من أنّ إعادة التدوير ليست بفكرة مبتكرة، إلا أنّها تمثل جانباً مهمًا جدًّا لتحقيق الاستدامة. فتساعد إعادة التدوير على التوفير في المواد وعلى الحد من المشاكل البيئية، مثل الاحتباس الحراري وتلوث الهواء وتغير المناخ. وتعتبر إعادة التدوير إحدى الطرق الأكثر فعالية التي يمكن أن تساعدنا في الحفاظ على كوكبنا وبيئتنا. فالبلاستيك، على سبيل المثال، يمكن إعادة تدويره أو إعادة استخدامه لأغراض أخرى، مثل الأثاث ومواد البناء والتصميم. كما يمكن تذويبه وإعادة تحويله إلى منتجات جديدة. ويساعد ذلك في الحد من النفايات السامة والتلوث البيئي، الأمر الذي قد يفيد صحة البشر إلى حد كبير. ومن ناحية أخرى، يمكن لإعادة التدوير أيضاً ان يساعد على الحفاظ على مواردنا الطبيعية، مثل الخشب والمياه وحتى المعادن، الأمر الذي يعزز استدامة المدن وقابلية العيش فيها ويحد من تأثيرها على البيئة.
4. إنشاء حدائق رأسية للمساعدة في الحد من انبعاثات الكربون: تفتقر البيئة الحضرية الحديثة للأسف إلى المساحات الخضراء. ولذلك، توصّل المخططون الحضريون إلى طريقة جديدة لدمج المساحات الخضراء في البيئة. وتسمح الحدائق الرأسية بنمو أنواع مختلفة من النباتات، ممّا يجعلها إضافة مستدامة وموفّرة للمساحة في مناطقنا الحضرية. فيمكن أن يساعد بناء حديقة رأسية على الجدار، على سبيل المثال، في خلق طبقة عازلة تساعد على إبقاء درجة الحرارة منخفضة داخل المباني. ومن ناحية أخرى، يمكن للحدائق الرأسية أن تساعد في تنقية هواء المدينة، حيث تعمل على تنقية السموم وثاني أكسيد الكربون وخلق بيئة أكثر نظافة للمواطنين. وتسمح الحدائق الرأسية ذات المزروعات القابلة للأكل للمواطنين بزراعة الفاكهة والخضار والأعشاب أيضًا، مما يساعد في الحد من انبعاثات الكربون.
5. بناء جسور مخصصة للدراجات للحد من الازدحام: يعتبر ركوب الدراجات الهوائية من أكثر وسائل النقل استدامة وصحّة في المناطق الحضرية. واليوم، برزت ظاهرة جديدة، وهي الجسور المخصصة للدراجات التي توفر مسارات جوية لراكبي الدراجات للتنقل عبر المدينة من دون القلق من أن يعلقوا في زحمة السير. وتوفر هذه الجسور وسيلة نقل فعّالة للغاية، لأنها تشجع الناس على التنقّل باستخدام الدراجات بدلاً من استخدام السيارات، مما يساعد في الحد من الازدحام المروري على الطريق ويشجّع أساليب العيش الصحية ويساهم في خلق بيئة أكثر صحّة وسعادة في المدينة. ومن ناحية أخرى، تعمل الجسور المخصصة للدرّاجات على تعزيز قابلية العيش في المدن، إذ إنها تساعد في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحسين البنية التحتية، الأمر الذي يضيف قيمة كبيرة إلى المدن.
وتتّجه المدن اليوم نحو تنفيذ الطاقة الخضراء والحفاظ على المياه. ومع تنامي عدد السكان الحضريين، لا بد أن تكون التنمية الحضرية المستدامة أولويّة قصوى في المدن. فمن الضروري أن تبحث المجتمعات عن سبل جديدة ومبتكرة لتحقيق الاستدامة. والنبأ السار هنا هو أن المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين قد بدأوا بالفعل بتنفيذ وتركيب تكنولوجيات جديدة، وهم يستغلون الفرص الجديدة لتعزيز الاستدامة، حيث يعتمد بعضهم على الزراعة الحضرية والحدائق الصغيرة وتقنيات محاكاة الطبيعة لإيجاد حلول مستدامة لتغير المناخ.