تصميم ساحة متعدّدة الاستخدامات
نعيش اليوم في عالم ديناميكي دائم التغير، ولهذا السبب تحتاج مدننا وبلداتنا إلى مباني مصممة بشكل استراتيجي وذكي، مع مساحات متعددة الاستخدامات يمكنها أداء العديد من الوظائف. وتعتبر الساحات مساحات عامة يمكن للمواطنين التجمع فيها لعدة أسباب، فهي القلب النابض للمجتمع وتعتبر واحدة من أكثر الطرق استدامة لتعزيز قابلية العيش. وفي الواقع، غالبًا ما تكون الساحات محاطة بمباني مهمة، مثل المحاكم والأسواق والكنائس وغيرها، وهي نقاط التقاء للأنشطة الرسمية وغير الرسمية والترفيهية. ولإنشاء ساحة ناجحة متعددة الاستخدامات، يأخذ المهندسون المعماريون والمصممون الحضريون دائمًا في الاعتبار المنطقة المحيطة بالمساحة والاستخدام المحتمل المستقبلي للساحة، بهدف إنشاء مساحة تلبي مجموعة متنوعة من الأنشطة والاستخدامات.
إليك أهم سمات المساحة لتصميم ساحة متعددة الاستخدامات ناجحة:
1- ضمان الوصول إلى جميع المرافق
تشكل القدرة على الوصول الهدف الأول لإنشاء أماكن حضرية ناجحة بشكل عام، ومن ضمن هذه الأماكن هي الساحات. ومن المهم عند تصميم ساحة متعددة الاستخدامات توفير القدرة على الوصول السهل والمباشر إلى الساحة ومرافقها والمباني الخاصة بها. ولذلك، يحرص المهندسون المعماريون والمصممون الحضريون دائمًا على وجود وسائل نقل عام يمكن الوصول عبرها إلى الساحة، مع توفّر أماكن لوقوف السيارات بالقرب من المدخل. ومن ناحية أخرى، ولضمان وصول الزوار إلى جميع المرافق، من المهم أولاً التأكد من أن جميع الطرق والأرصفة داخل الساحة جيدة الصيانة وأنها مضاءة جيدًا من أجل تحقيق سلامة أفضل. كما أنّ من شأن وضع لافتات حول الساحة للإشارة إلى اتجاه كل مرفق، ومعالم المياه، والمراحيض وإلخ أن يجعل التنقل داخل الساحة أسهل وأفضل. ومن المهم أيضًا هنا التخطيط لتحديد مواقع المباني مع روابط أفضل بينها لتقليل مسافات السفر بين المساحات وتعزيز تجربة الزوار والسكان. فعلى سبيل المثال، يجب ربط الساحة بالمساحات المفتوحة والداخلية المحيطة الأخرى عن طريق الممرات والجسور والسلالم والمنحدرات وأحواض النباتات.
2- استخدام الأثاث والمواد التي تعكس طابع المساحة
لكل مكان طابعه الفريد والمميز. ولإنشاء ساحة ناجحة متعددة الاستخدامات، من المهم تخطيط الموقع بطريقة تستجيب لخصائصه الفريدة وثقافته وسماته الجغرافية وتاريخه. وتساعد مواد البناء والأثاث على تحديد هذا الطابع وتجسيد الاستدامة والمتانة. وتشمل بعض أفضل المواد الصديقة للبيئة التي يتم استخدامها الآن لتحقيق الاستدامة على سبيل المثال الخيزران والبلاط الذي يعمل على الطاقة الشمسية وبلاط توليد الطاقة والخشب والبلاستيك المعاد تدويره والخرسانة العشبية والزجاج الذكي. وقد تم تصميم الزجاج الذكي على سبيل المثال لكي يحجب أطوال موجية معينة من الشمس في الصيف والسماح بدخول أشعة الشمس في الشتاء، عبر تحوّله إلى زجاج شفاف بناءً على الطقس.
3- دمج “أماكن” صغيرة داخل الساحة
يجب أن تحتوي الساحة المتعددة الاستخدامات على مجموعة متنوعة من الأماكن الصغيرة والخصائص المرفقية التي تشجّع الناس، سواء الزائرين أو المقيمين في المباني المحيطة، على استخدام المساحة أكثر. وبالتالي يجب أن تولّد لديهم إحساسًا بالحيوية والإثارة. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تشتمل الساحة المتعددة الاستخدامات على طاولات ألعاب، ومقاهي في الهواء الطلق، ومعدات لعب للأطفال، ومساحات خضراء منعزلة للخصوصية مثل المقاعد تحت الأشجار الكبيرة وحول الشجيرات، والمعالم المائية، وإلخ. ومهما كان حجم المشروع، من المهم أيضًا جعل الموقع متميزًا لتعزيز التجربة الترفيهية من خلال إضافة عوامل جذب خاصة حول الساحة، مثل شاشات العرض والمساحات الفنية والملاعب والمسارح للعروض المخطط لها. وسيخلق توفير الترفيه قوة جذب من شأنها أن تبقي زوار وشاغلي المباني المحيطة في الموقع لفترة أطول، وسيساعد في إعادتهم إلى الموقع مجدّدًا.
4- التخطيط لتصميم مرن
تُعتبر المرونة في التصميم أهم جانب في التنمية الحضرية والتصميم الحضري. ولذلك، يجب أن تتغير الساحة المتعددة الاستخدامات الناجحة مع تغيُّر المواسم، حيث لا يمكن أن تزدهر إذا كان لها تصميم ثابت واحد فحسب. وتعني المرونة أيضًا قدرة الساحة على التكيف مع التغييرات على مر السنين. فعلى سبيل المثال، يجب أن يكون تصميم الساحة مرنًا بالشكل الكافي للسماح للزوار وشاغلي المباني المحيطة باستخدام المساحة لمشاهدة الأفلام والمهرجانات والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق في الصيف والربيع وللتزلج على الجليد في الشتاء. ومن شأن ذلك أن يوفّر تجربة مستخدم أفضل على مدار العام، وأن يشجع الناس على العودة إلى الساحة طوال العام لإجراء أنواع مختلفة من الأنشطة.
5- التحديد الاستراتيجي لمواقع المباني
في مجال التنمية، هناك أنواع مختلفة من التخطيط تختلف تمامًا عن بعضها البعض، ومن بينها التنمية الأفقية والعمودية المتعددة الاستخدامات. فمن ناحية، تجمع التنمية الأفقية المتعددة الاستخدامات المباني ذات الاستخدام الواحد التي تم تصميمها في الأصل للاستخدامات السكنية وغير السكنية في نفس المجمع. وعند استخدام هذه الإستراتيجية، من المهم مراعاة الاستخدامات المقصودة للمباني، والتأكد من وضع هذه المباني بطريقة متوافقة مع إنشاء روابط استراتيجية بينها وبين الساحة لتعزيز التنقل والمشي. أمّا التنمية العمودية المتعددة الاستخدامات، فهي أكثر نجاحًا حول الساحات العامة، وهي تجمع بين استخدامات مختلفة داخل نفس المبنى. وفي هذا النوع من التنمية، يتم وضع المباني بشكل استراتيجي لجذب المشاة والشركات المحلية، مما يؤدي إلى تعزيز النمو الاقتصادي المحلي، حيث سيزداد الطلب على الخدمات المحلية. وغالبًا ما تخصص التنمية العمودية المتعددة الاستخدامات الطوابق الأرضية للاستخدامات التجارية والمؤسسية، مع توفير مساحات للمقيمين في الطوابق العليا، مما يسمح لهم بالاستفادة من المزيد من الخصوصية، والمزيد من المناظر الخضراء، ويخفض ضوضاء الشوارع، ويمنحهم فرصة لقضاء أوقات فراغهم في ساحة متعددة الاستخدامات.
تُعتبر الساحات ميزة جذابة توفر مناطق خارجية ممتعة من الناحية الجمالية. وهي في الواقع واحدة من أهم الأماكن العامة التي تساهم في تحقيق مدن صالحة للعيش والتي تسمح لمواطنيها بإنشاء روابط اجتماعية وجسدية وعقلية. ونظرًا إلى أنّ الساحة المتعددة الاستخدامات محاطة بأنواع مختلفة من المباني، بما في ذلك المباني التجارية والسكنية والمؤسسية وغيرها، فإنها تصبح تلقائيًا وجهة مشتركة للمواطنين، حيث يمكنهم الاسترخاء أو أخذ استراحة سريعة بعد العمل. ولذلك، ومع استمرار المدن والتقنيات في التطور والتحسّن، يعمل المصممون والمهندسون المعماريون الحضريون على تحسين جودة الحياة الحضرية، والتأكد من أن المساحات المفتوحة، بما في ذلك الساحات المتعددة الاستخدامات، هي بيئات اجتماعية مثالية متاحة لجميع المواطنين.
اتبع استوديو Noëlla Aoun Design Studio أو قم بزيارة موقعنا على الإنترنت لمزيد من مقالات التصميم الحضري والعمارة والتصميم الداخلي وتصميم المناظر الطبيعية والبيئة والعقارات والتنمية المستدامة.