سمات المدينة المستدامة الرئيسة
يبحث الناس دائمًا عن نوعية حياة جيدة، ولذلك، فإنّ الاستدامة الحضرية هي هدف تسعى المدن إلى تحقيقه بهدف تعزيز النمو الاقتصادي وضمان تلبية احتياجات المواطنين. وغالبًا ما تلتزم المدن المستدامة بتحقيق الاستدامة لمكافحة المشاكل البيئية، مثل استنفاد الموارد والتلوث، وإنشاء بنية تحتية حضرية أفضل للمواطنين، بما في ذلك الصرف الصحي وإدارة النفايات. وفي الواقع، يمكن أن تؤدي البنية التحتية والخدمات المحسنة إلى إنشاء مدن أكثر أمانًا تتضمّن وسائل نقل أفضل وإمكانية وصول أفضل إلى المساحات المفتوحة وأنظمة الغذاء. واليوم، هناك العديد من الأفكار والاختراعات المبتكرة التي يتم تنفيذها لجعل المدن حول العالم مستدامة حقًا.
إليك سمات المدينة المستدامة الرئيسة:
1. مجتمع قابل للمشي: تعد البنية التحتية للمشاة وقابلية المشي من العناصر الرئيسة في المدن المستدامة. وتعزز وتشجع المدن المستدامة الناجحة على المشي بدلًا من استخدام السيارات، إذ إنّ هدفها هو بناء مجتمعات صحية ونشطة. ولذلك، فإنّ جميع المدن في جميع أنحاء العالم تعمل على زيادة الوعي حول هذا الشّأن وتقوم الآن ببناء المزيد من الطرق والجسور لاستخدامها من قبل راكبي الدراجات والمشاة، بهدف توفير بنية تحتية آمنة ويمكن الوصول إليها للحد من مشاكل الازدحام وتحسين جودة الحياة عن طريق الحد من التلوث.
2. نظام نقل مستدام: توفر أنظمة النقل المستدامة تنقلًا أفضل وإمكانية وصول معزّزة لسكان المدينة. ويجب أن يكون لأنظمة النقل في المدن المستدامة تأثيرًا منخفضًا على البيئة، فيجب أن تشجّع على ركوب الدراجات والمشي في بيئة آمنة للمجتمع. ويجب أن تضمن هذه الأنظمة تدفقًا كفؤًا لحركة المرور ويجب أن توفر طرقًا أفضل وأكثر أمانًا للنقل العام والدراجات. وبشكل عام، يعتمد النقل المستدام بشكل كبير على تعزيز وسائل النقل العام، مثل الحافلات والمترو، حيث سيساعد ذلك في تقليل تأثير المدن على البيئة وسيقلل الازدحام ويوفر الوقت أيضًا. ومن المهم هنا تشجيع استخدام الحافلات الجديدة لتقليل مخاطر التلوث من الحافلات القديمة.
3. المباني الخضراء: تعتبر المباني الخضراء سمة مهمة أخرى للمدن المستدامة. ويتمثّل الهدف الرئيسي للمباني الخضراء في تقليل التأثير السلبي للبيئة المبنية على الطبيعة. ويتم تحقيق ذلك غالبًا عبر اعتماد التصميم الأخضر الذي يتضمن الاستخدام الفعال للطاقة والمياه والموارد الطبيعية الأخرى. ويقوم العديد من المهندسين المعماريين والمصممين بالفعل بتطبيق ميزات تضمن تحقيق الاستدامة في المباني الخضراء. فعلى سبيل المثال، بدأ العديد من المهندسين المعماريين والمصممين في التخطيط بشكل أفضل لاتّجاه المبنى، مما يساعد على الاستفادة من الشمس والرياح لتوفير طرق تبريد وتدفئة أفضل وطبيعيّة. وتشكل مصابيح الثنائي الباعث للضوء والمواد الصديقة للبيئة والمواد العازلة والأسطح الخضراء والألواح الضوئية الجهدية جزءًا من العناصر التي تجعل المبنى أخضر أكثر.
4. الأماكن العامة الشاملة: تسمح الأماكن العامة للمجتمع بالتجمع في مساحة مفتوحة للتواصل الاجتماعي ولبناء حياة عامة صحية. ويمكن للأماكن العامة، التي يمكن أن تشمل الحدائق والساحات العامة والحفلات الموسيقية والملاعب، استيعاب الاحتياجات الاجتماعية للمواطنين، مما يسمح لهم بالالتقاء والتجمع والتفاعل وبناء العلاقات، ومما يساعد على تكاتف السكان وعلى خلق المزيد من الفرص للنمو العام. ولذلك، يجب بناء وتصميم الأماكن العامة بطريقة تضمن الإدماج والوصول الآمن لجميع المواطنين، بغض النظر عن قدراتهم أو جنسهم أو عمرهم.
5. الطاقة المتجددة: تعتبر الطاقة المتجددة عنصرًا مهمًا للغاية وهي أساسية لتحقيق الاستدامة. وفي الواقع، تعتبر الطاقة المتجددة التي يمكن أن تشمل الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية مستدامة للغاية. فعلى سبيل المثال، تعتبر الرياح، تمامًا مثل الشمس، واحدة من أكثر الطرق استدامة لتوليد الطاقة، إذ إنّه لا ينتج عند استخدامها أيّ تلوّث. وتتمثّل أكبر ميزة للطاقة المتجددة في مدى توفّرها وفي أسعارها المعقولة. كما ويمكن استخدام هذه الطاقة بشكل متكرّر وغير محدود. وتحاول المدن حول العالم توفير الطاقة المتجددة لمواطنيها كخطوة نحو تقليل البصمة الكربونية والتأثير السلبي لأنواع الطاقة الأخرى على البيئة.
6. إعادة التدوير: تعمل المدن اليوم على زيادة الوعي حول أهمية إعادة التدوير من أجل تحقيق بيئة أفضل ومستدامة. وفي الواقع، من المحتمل أن تشكّل إعادة التدوير أهّم استراتيجية لتحقيق الاستدامة، لأنّها لا تعزز صحة النظم البيئية الطبيعية فحسب، بل يمكن أن يكون لها أيضًا فوائد على صحّة الإنسان. ومن خلال تقليل كمية النفايات والتوجه نحو إعادة التدوير، يمكن للمدن الحفاظ على مواردها الطبيعية، مما يساعدها على حماية تنوّعها. ومن ناحية أخرى، يمكن أن تساعد إعادة التدوير المدن على فرز النفايات وتحويلها إلى طاقة لتوليد الكهرباء. ويختار بعض المهندسين المعماريين والمصممين أيضًا استخدام المواد والأثاث المعاد تدويره في مشاريعهم، في محاولة منهم للحد من تأثيرنا السلبي على البيئة ومكافحة التلوث وتغير المناخ.
تتغير المدن باستمرار وتبحث عن طرق جديدة لضمان جودة حياة أفضل ورفاهية السكان. ولذلك، أصبحت الاستدامة أحد محاور التركيز الرئيسة في البيئة الحضرية، إذ إنّها تركز إلى حد كبير على الناس ورفاهيتهم وعلى البيئة. ومن الضروري أن تبدأ المجتمعات الحضرية والسلطات المحلية بالسعي إلى تحقيق الاستدامة البيئية. وفي الواقع، بدأت هذه الأخيرة تتخذ إجراءات عاجلة للتوقف عن الاعتماد على المواد والعناصر التي تؤثر على البيئة، وتتجه الآن نحو بناء مجتمعات أكثر صحة بمساعدة سكانهم لضمان أن تصبح المدن صالحة للعيش وذكية وآمنة مع إمكانية وصول الجميع إلى الخدمات المستدامة فيها.